تأييده دمشق يهدّد بخسارته الاحتضان الشعبي العربيأزمة سورية تدفع «حزب الله» إلى الاعتدالالمصدر:
التاريخ: 14 يونيو 2011
لبنانيون يرفعون صور الأسد ونصرالله خلال تظاهرة مؤيدة لدمشق فــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي ضاحية بيروت الجنوبية. أ.ف.ب
يعيش «حزب الله» اللبناني، حليف سورية الاستراتيجي، حالة من «القلق والترقب» في انتظار جلاء المشهد في سورية، حيث تتصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس بشار الاسد، منتهجاً خط الاعتدال وساعياً الى «تقليص خسائره».
ويقول مدير مركز الأهرام للترجمة والنشر ونائب مدير مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية وحيد عبدالمجيد «يبدو حزب الله في موقع القلق، لا سيما بسبب نظرة الناس في العالم العربي والاسلامي إليه، اذ يفترض انه حزب مقاوم، لكنه يقف الآن الى جانب نظام يقتل كل يوم العشرات من ابناء شعبه».
ويضيف «لا يختلف اثنان على ان كل ما يجري في سورية اليوم يؤثر سلبا في حزب الله في لبنان. فسورية شديدة الاهمية بالنسبة الى حزب الله، انها منفذ اساسي له وداعم سياسي مهم».
ويعد حزب الله العمود الفقري لقوى الثامن من آذار المؤيدة لدمشق التي تتقاسم ولاءات اللبنانيين مع «قوى 14 آذار» المناهضة للنظام السوري وأبرز اركانها رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري.
ويشهد لبنان انقساماً حاداً بين هاتين الكتلتين منذ اكثر من ست سنوات، وأزمات متعاقبة كان آخرها اسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الحريري في 12 يناير الماضي بضغط من «حزب الله» وحلفائه، ما اثار مخاوف من توتير امني. وكلف نجيب ميقاتي في 25 يناير تشكيل حكومة جديدة لم تر النور إلا يوم أمس.
وتضطلع سورية بدور مهم في الحياة السياسية اللبنانية من خلال حلفائها، على الرغم من انسحابها العسكري من لبنان في 2005 بعد 30 سنة من الوجود ومن التحكم بمفاصل السياسة الداخلية.
وباستثناء اعلان الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في 25 مايو الماضي وقوفه الى جانب النظام السوري ودعوته السوريين الى دعم رئيسهم، يتجنب الحزب التعليق على التطورات السورية منذ بدئها في منتصف مارس الماضي، لكن الوسائل الاعلامية التابعة للحزب تتبنى وجهة النظر السورية الرسمية في تفسير ما يجري في سورية.
ويقول الأستاذ الجامعي والكاتب اللبناني سعود المولى، إن «السكوت المطبق الذي يبديه حزب الله يؤشر إلى الازمة التي يعيشها بسبب الاوضاع في سورية».
ويتوقع «ألا يتجه الحزب الى القفز الى الامام سواء في الداخل اللبناني او على الحدود الجنوبية، بل ان يتجه الى تسوية داخلية نبيلة مع بقية الاطراف اللبنانيين، وفي هذا السياق اتى خطاب الامين العام لحزب الله حسن نصرالله الاخير (في مطلع يونيو) هادئاً».
وتجنب نصرالله في الخطاب المذكور الخوض في القضايا الخلافية المحتدمة، داعيا الاطراف اللبنانيين الى الحوار والتعاون على «تطوير» النظام السياسي اللبناني، بعيدا عن «منطق الغلبة» و«الحسابات الطائفية والمذهبية».
ويرى المولى أن «حزب الله»، الذي بات يملك مع حلفائه الاكثرية النيابية، لن يدفع في اتجاه تشكيل حكومة «من لون واحد» قريب من دمشق، لما يعنيه ذلك من «تحمل مسؤوليات واستحقاقات غير يسيرة» في الداخل اللبناني، اضافة الى ما قد تشكله مثل هذه الحكومة من تحد للمجتمع الدولي في ظل ما يحدث في سورية.
من جهتها، ترى الباحثة اللبنانية أمل سعد غريب، صاحبة كتاب «حزب الله، السياسة والدين»، أن الهدوء في خطاب نصر الله «قد يكون سببه ان المزاج الشعبي العربي الذي يعول عليه حزب الله يبدي تعاطفاً كبيراً مع المحتجين السوريين».
وعلى الرغم من اصرار غريب على ان «ما تشهده سورية ليس ثورة بل احتجاجات متفرقة وتدخل اجنبي»، فإنها تقر بموقع سورية المهم بالنسبة الى «حزب الله» وتقول إن «الحدود السورية ممر لاسلحة حزب الله، وإن كان ذلك غير معلن، والنظام السوري يشكل مظلة سياسية داعمة للمقاومة».
وترى استناداً الى ذلك أن «حزب الله قد يجد نفسه امام اشتداد الضغوط على دمشق مضطرا للسيطرة على لبنان، سياسيا أو امنيا، لحماية عمله المقاوم، او للرد على الدور الاميركي في الاحتجاجات السورية من خلال الضغط على اسرائيل عبر الحدود الجنوبية».
لكن عبدالمجيد يرى ان «القلق» الذي يعيشه الحزب لن يدفعه سوى الى مزيد من «الهدوء والترقب»، وإن قيادة الحزب تعلم انه ينبغي عليها العمل على «تقليص الخسائر، لا اعادة عقارب الساعة الى ما قبل 15 مارس» تاريخ اندلاع التحركات الاحتجاجية في سورية.
ويوضح ان «الانقضاض على الداخل اللبناني صعب ولا نتيجة منه، وفتح حرب مع اسرائيل سيضيف خسائر جديدة الى الحزب الذي يحتاج اكثر من اي وقت مضى الى الحفاظ على قوته كاملة في المرحلة المقبلة».
ولا يستبعد عبدالمجيد ان يعمل «حزب الله» على فتح علاقات مع القوى السورية المعارضة، لا سيما الاسلامية منها، في حال اتجهت الامور في سورية الى ما اتجهت اليه في تونس ومصر، مرتكزا على علاقاته الجيدة مع بعض القوى الاسلامية العربية.