بنت الجولان Admin
عدد المساهمات : 178 تاريخ التسجيل : 25/05/2011 العمر : 34
| موضوع: ستون عاما والإشارة حمراء ! الخميس يوليو 21, 2011 11:40 pm | |
|
مر على رئاسة الولايات المتحدة منذ ظهور نكبة فلسطين 1948م أحد عشر رئيساً , وفي العشرين من يناير القادم سيكون الرئيس باراك حسين أوباما هو الرئيس الثاني عشر , وفي كل مرة ومع مقدم كل رئيس كنا - ومازلنا - وللأسف نتوقع أن تتغير سياسة الولايات المتحدة تجاه العديد من قضايانا الجوهرية , لكن وبعد كل هذه السنوات يجب أن ندرك أن ما يجب أن يتغير هي السياسة العربية وليست السياسة الأمريكية . فهل يمكن أن تتغير سياستنا العربية ؟ وهل لدينا أوراق ضغط تدفع في سبيل تحويل كل إشارات قضايانا المصيرية - وعلى رأسها القضية الفلسطينية - من اللون الأحمر إلى اللون الأخضر ؟
البداية من الداخل
أولى وأهم خطوات تغيير السياسة العربية الخارجية تبدأ من الداخل . تبدأ من اصطلاح الإدارات الحاكمة في بلادنا العربية مع شعوبها . تبدأ بارتماء الحكام في أحضان شعوبهم . تبدأ بمنح شعوبنا الديمقراطية ، والحرية , والمساواة . تبدأ من تحقيق أفضل ما نستطيع تحقيقه من درجات العدالة الاجتماعية لشعوبنا العربية . تبدأ بأن نفتح أمام تلك الشعوب حرية تكوّين أحزاب سياسية تتمتع بحرية العمل والقول والتغيير والإصلاح . تبدأ بأن نخلق لشعوبنا مناخات تسود فيها حرية الرأي والتعبير ، تبدأ بأن نوفر لشعوبنا قدر من الشفافية يعرف كل مواطن فيها كيف توظف ثروات وميزانيات الأمة . تبدأ باجتهادنا في توظيف تلك الثروات من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والعلمية بحيث يعود مردودها بإيجابية على المواطن العربي في كل مكان ليكون كما يريدها الله عز وجل , لا كما يريده شرار الخلق .
معايير بالية
وفي اليوم الذي يتحقق هذا البعد الجوهري واقعاً على الأرض فحتماً سيكون لأمتنا وزناً , ولحكَّامنا مكانة , ولقراراتنا أثراً وتأثيراً , سواءً على الصعيد الدولي أو المحلي , فنحن الآن في زمن لا تقاس فيه قوة الحاكم - خاصة في نظر المجتمع الدولي- لا بسطوته وجبروته , ولا بعنفوانه وبطشه , ولا بسجونه وسجانيه , ولا بحراسه وجيوشه ,ولكنها تقاس بدرجة قوة مواطنيه ورضاهم عن سياساته , وفي أي مكان من أرض الله تتولد قوة المواطن فقط عندما يحصل على احتياجاته الأولية , وعندما يشعر بقيمته كإنسان , وأنه محترم على أرضه , وأنه رقم في المعادلة , وليس كمَّاَ مهملاَ أو مهمَّشاَ . فمن أهم المقومات التي تقوي مواقف الحاكم في حربه وسلمه , في حكمه وإدارته , في سياسته وتفاوضه أن يتقوى بشعبه .
حوار الأمة مع نفسها
إذا أردنا أن نتقوى خارجيا فعلينا أن نبدأ في تحويل تلك الرسالة الإيجابية والتي أطلقها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز من مكة المكرمة خلال اجتماعه برؤساء بعثات الحج الحالي ( 1429هـ) , والتي نادى فيها بضرورة أن تبدأ الأمة في أن تتحاور مع نفسها, حيث قال : " نحن بحاجة إلى حوار الأمة مع نفسها , فالفرقة والجهل والغلو عقبات تهدد آمال المسلمين " فإذا أردنا أن نتقوى خارجياً فعلينا أن نضع أيدينا على تلك العقبات التي تهدد أمال الأمة وهي كثيرة , فشعوبنا العربية من المحيط إلى الخليج في أمسّ الحاجة إلى هذا الحوار الداخلي عله يوفر للأمة ما ينقصها من "احتياجات أولية" لم يعد مقبولاً أن تحرم منها وهي تخوض معركة انتزاع حقوقها المسلوبة منذ عقود وعقود .
نبذ الخلافات
إذا أردنا أن نتقوى خارجياً فعلينا أن نبدأ في نبذ الخلافات العربية - العربية , وترك الخصومات والعداءات المتجذّرة بين دولنا العربية . تلك الخلافات التي أدت إلى شلّ العمل الجماعي العربي , و شلّ الديبلوماسية العربية مما أدى إلى إضعاف النظام العربي بكامله . فبدلاً من أن تتحرك الدول العربية تحركا جماعياً ضاغطاً من أجل انتزاع حقوقنا انتزاعاً , نجد أن هناك استمراءً لحالة الفردية المقيتة في تعاملات كل الدول العربية الخارجية : تحركات فردية , ومفاوضات فردية , ومطالب فردية , ومعاهدات فردية من أجل الحصول على مغانم إقليمية محدودة على حساب قضايا الأمة المصيرية .
الطموح السياسي
إذا أردنا أن نتقوى خارجيا فعلى حكَّامنا أن يرفعوا من سقف الطموح السياسي لديهم . فالمراقب للوضع العربي يلحظ دون عناء أن درجة الطموح السياسي , أو معدل الإرادة السياسية الحالية لدى معظم الإدارات الحاكمة في بلادنا العربية محدودة بحدود الكرسي الذي يعتلونه , وهذا لا يتناسب أبدا بأي حال من الأحوال مع طموحات شعوبنا , ولا مع حجم التحديات التي تحيط بنا , ولا مع حجم القضايا الكبيرة التي نحارب من أجلها , وعلى استعداد لتقديم أرواحنا رخيصة في سبيلها .
سلاح المال العربي
فلو كان لديناً طموحاً سياسياً لفعَّلنا سلاح المال العربي والذي عجزنا طيلة العقود الأربعة الماضية في تفعيله كي ننتزع حقوقنا المسلوبة . مثلما استطاعت عائلة يهودية واحدة ( عائلة روتشيلد ( استغلال نفوذها المالي الضخم لاستصدار وعد بلفور من الحكومة البريطانية عام ( 1917م ) ، فلو كان لدينا طموحاً سياسياً لاستخدمنا ثرواتنا الهائلة لاستصدار وعدٍ أمريكي غربي مماثل نصحح به خطأً تاريخياً إنسانياً لمصلحتنا كعرب ومسلمين كما قال عبد الباري عطوان .
المقاومة الشرعية
لو كان لدينا إرادة سياسية مستقلة لفعَّلنا ورقة المقاومة في العالم الإسلامي واحتضناها وتبنيناها بدلاً من تسليط كل الحراب إلى جسدها الطري , ومحاربتها , بل ومحاولة خنقها في مهدها , فالمقاومة الإسلامية "الشرعية " في بلادنا العربية والإسلامية من أقوى أوراق الضغط التي يمكن أن نستفيد منها أيما استفادة . فلا أحد ينكر أن المقاومة الإسلامية على أرض العراق وأفغانستان نجحتا في هزيمة المشروع الأمريكي من خلال حرب استنزاف طاحنة أدت إلى خسائر مادية فاقت الثلاثة تريليونات دولار أدت إلى إفلاس العالم الغربي بالكامل , ووضعته في أزمة لن يبرأ منها قبل عدة عقود قادمة , ولا أحد ينكر أن المقاومة الإسلامية على أرض فلسطين تقف حجر عثرة في حلق المشروع الصهيوني , ولا أحد ينكر أن العالم لن ينعم بهدوء واستقرار طالما أن إشارة القضية الفلسطينية حمراء منذ ستين عاماً .
لنفرض إرادتنا
إن الأمل يحدونا - مع قرب تولي السيد باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة في العشرين من يناير القادم - لا في أن تتغير السياسة الأمريكية تجاه قضايانا ( وإن كنا نتمنى أن يحدث هذا ) , بل يحدونا الأمل في أن تتغير السياسة العربية أولاً لنفرض إرادتنا , وننتزع حقوقنا , ونستعيد مكانتنا , ونحطم كل الإشارات الحمراء في طريق قضايانا الرئيسية وعلى رأسها أم القضايا العربية والإسلامية : قضية فلسطين .
15 – ديسمبر – 2008م طارق حسن السقا
| |
|